الآثار السورية، ضحية صامتة من ضحايا العنف الأعمى، الذي يعصف بذلك البلد المنكوب.
صحيفة "روسيسكايا غازيتا" تتناول قضية
الآثار السورية، مبرزة خشية علماء الآثار الروس، من أن الأحداث الدامية،
يمكن أن لا تبقي حجرا على حجر، من الأوابد الأسطورية في سورية.
وتنقل الصحيفة عن عاملين في معهد الآثار
التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أنهم يشعرون بقلق شديد لأنهم لا يستطيعون
الوصول إلى مواقع الحفريات الأثرية التي كانوا ينفذونها، بسبب الأوضاع
السائدة حاليا في سورية.
يذكر أن البعثة الأثرية الروسية كانت تعمل هناك على مدى العقدين الأخرين.
يقول أحد أعضاء البعثة الأثرية الروسية،
التي كانت تنقب عن الآثار في سورية، قبل اندلاع الأحداث، إن سورية تعتبر
جزءا من حضارة ما بين النهرين العظيمة. والأرض السورية مليئة بالأوابد
التاريخية، ابتداء من العصور الحجرية وحتى العصور الوسيطة المتقدمة.
ولطالما كانت سورية محجا لجميع الاختصاصيين من مختلف أنحاء العالم، من
أمريكا وحتى استراليا.
ويذكر عالم الآثار الروسي أن علماء ألمان
وفرنسيين وبولنديين وهولنديين كانوا يعملون في ذلك البلد، الذي أصبح مركزا
للعديد من الأبحاث الأثرية بعد أن بدأت الحرب في العراق. أما الآن، فأضحت
جميع الخرائب والأطلال الأثرية الضخمة، والكنائس القديمة، والقلاع الصليبية
الفريدة، والمساجد الرائعة، أضحت تحت مرمى نيران الأطراف المتحاربة.
وتؤكد السلطات الرسمية في دمشق أن
المقاتلين يستولون على المواقع الأثرية ويستخدمونها كدروع، ويمارسون النهب
والسرقة بشكل علني، بعد أن غدت مجموعات فريدة من القطع الأثرية، بدون حماية
من اللصوص والباحثين غير الشرعيين عن الآثار، بما في ذلك المحترفين منهم،
الذين يجوبون سورية، هذه الأيام، طولا وعرضا. وهناك معلومات تفيد، بأن
المقاتلين يقومون بمقايضة التحف الأثرية القيمة بالسلاح، وهذه ظاهرة عادية
أثناء الصراعات المسلحة. فقد سبق أن حصل هذا في العراق أيضا.
ولعل ما يزيد الطين بلة في مأساة المتاحف
السورية هو أن غالبية المواقع الأثرية السورية، تقع بشكل أساسي على المحور
الاستراتيجي الممتد من مدينة بصرى في الجنوب إلى مدينة حلب في الشمال مرورا
بدمشق وحمص وحماة وإدلب. وهذه المناطق جميعها، تعتبر اليوم مناطق ساخنة.
ويضيف الخبير الروسي أن فريقه عمل في
العراق لمدة 15 عاما، وعثر على العديد من اللقى الأثرية، التي تم تسليمها
في حينه للمتحف الوطني في بغداد. وعندما اندلع الصراع في العراق، لم يعد
يعرف مصير تلك اللقيات. فأرسل برسائل إلى الجهات المعنية في العراق، استفسر
فيها عن مكان اللقيات التي عثرت عليها البعثة الروسية. وجاء الرد بأن لدى
السلطات المختصة في العراق ما هو أهم. حيث اختفت من المتاحف آثار أثمن
بكثير.
ويؤكد الخبير الروسي أنه عرف من زملائه السوريين، أن مقتنيات متحف دمشق الوطني لا تزال محفوظة كما ينبغي.